ما القصيدة؟ وما مواصفاتها؟


الكاتب: أ.د خالد حوير الشمس - - عدد المشاهدات: 780

ما القصيدة؟ وما مواصفاتها؟

محتويات

  • ما القصيدة؟

  • ما القصيدة؟

    أقول في مفهوم القصيدة: نص شعري، يأسر القلب، ويوصل المعنى بأبهى صورة، وذوق لغوي عال، ولا يتم استكمال حدود ذلك النص إلا عبر عدد من المواصفات:

    - الخيال الخصب الذي يأتي عبر استعمال التصوير البياني الدال، والابتعاد عن المباشرة، والتقريرية في المعاني.

    - التشابك بين النص وموضوعه: وقد تتولد نصية بعض الشعر من موضوعه، المنسجم مع لغته، ومفرداته.

    - المنهجية السليمة في القصيدة: تبويب هذا النص الشعري من جهة التقديم، والمتن، وحسن الختام. وقد تفنن العرب في استعمال المطالع، فنجدها لوحات أدبية مستقلة عن النص في الشعر الجاهلي مثلًا، ونجدها في الإطار الشعري العام في الشعر الحديث.

    - الموسيقى، أو الإيقاع: بنوعيه الخارجي، المتعلق بالوزن الشعري، والداخلي المتعلق ببعض معطيات الأداء نحو الجناس، والطباق، والتكرار، وغير ذلك، فمتى ما تم ضبط الإيقاع في القصيدة يتم ضبط عملية التلقي، واتزان النص، وتناسق المعنى، وارتفاع كعب الأسلوب.

    - وحدة النص، وترابط أجزائه: ويراد به توحيد الفكرة، والإلحاح عليها في الأبيات نفسها دونما تشتت، وهي تتفرع على نوعين أولهما الوحدة العضوية، وثانيهما الوحدة الموضوعية. ويراد بالوحدة العضوية النسق الواحد في الأبيات، ووضعها في مكانها الصحيح من غير تقديم أو تأخير، وتتفرع إلى فرعين: وحدة الموضوع ووحدة الجو الوجداني للشاعر أي عدم التأثير على البعد النفسي للنص والناص. وتشتغل الوحدة الموضوعية على اتحاد الموضوع في النص، وحضوره في كل بيت منه، على عكس التعدد الموضوعاتي فيه.

    - ضبط القواعد اللغوية، من جهة النحو، والالتزام الصرفي، والصوتي، والسياقي، بل مواءمة تلك الجزئيات للمعنى والسياق على حساب القاعدة أو خرقها لا فرق، فقد خرق المتنبي والجواهر كثيرًا القاعدة حتى يسبك المعنى.

    - الوضوح وعدم التعمية، وترك قرائن لفك الشفرات، وثمة فرق بين الترميز وبين الغموض السلبي، إذا افترضت ان الغموض سمة دلالية مثلى، تقترن بقصدية الشاعر، وقد مات عندنا شعر كثير بسبب تعميته، وفاتتنا معاني كثيرة بسببها ايضا.

    - الفضاء الجمالي، الذي يقوم على ركيزة اللعب اللغوي، والصور الشعرية الناهضة.

    ومما يناقش في مفهوم القصيدة، طولها، وعدد أبياتها، وقد مال ذوق العصر الحديث إلى تجنب المطولات بسبب هيمنة الحداثة، وعصر السرعة، على أن لا يتم التداخل بين القصيدة والمقطوعة، فشتان بينهما.

    القصيدة فعل أدبي، يراهن على اللغة المتواءمة مع الموضوع، وقد تزاحمت مع القصيدة العمودية أشكال اخرى منها: المثناة التي تجمع اكثر من وزن، وقصيدة النثر التي تعتني بالإيحاء والصورة اكثر من الوزن، ناهيك انوآع اخرى، تحلم ان تجد لها مكانا في تصنيفات الشعر نحو: الهايكو، وقصيدة الشعر، وشعر التفعيلة، والتفاعلية( الرقمية).

    وقد ورد تصنيف جديد للقصيدة، على أساس نوع المنتج، والمضمون، فيقال القصيدة، والقصيدة النسوية، ولعليّ أراه تصنيفًا لا ينهض بأمثلة نسوية تميزه عن نوع الشعر الذي يكتبه الرجل، فهو من فقاعات الثقافة الوافدة التي تهدف إلى تحطيم القيم الأخلاقية.

    الذي ابتغيه من هذه السطور: تمييز القصيدة عن اللاقصيدة! فكم عندنا من قصائد؟ ربما ينتج الشعراء العرب ما يقترب من ١٠٠ قصيدة يوميًا - كعدد تقريبي- . وربما ينتج العراقيون ثلثين ما ينتجه اولئك العرب. ولكن كم يخلد منها؟

    الذي أقوله أن الأدلجة، والإعلام، وصحة التسويق، فضلًا عن الأبعاد النصية احيانًا هي التي تخلد قصيدة، وتسهم في تضييع اخرى ارجح منها، فثمة عاملان أسهما في رفع راية الشعرية في عينية الجواهري موضوعها (أيدلوجية القصيدة ) وأسلوبها. على عكس قصيدة بغداد التي كتبها مصطفى جمال الدين التي انمازت بالبعد الهوياتي ربما اكثر من البعد التعبيري.

    القصيدة لغة، ووقعًا، وخيالًا، وموضوعًا، يجنى منها شعرية عالية، تهيمن عليك من لحظة البدء حتى الختام، لتصفق لشاعرها من دون وعي، وارادة، وليس باتفاق على التصفيق بين جماعتك، وخاصتك قبل الإلقاء.







    رائج



    مختارات